البــــــرزخ

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب إرجعون لعلي إعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)

البرزخ: وهو الفاصل بين شيئين أي الوسط بينهما كما قال تعالى ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان)

وعالم البرزخ هو العالم الذي يتوسط عالمي الدنيا ولآخرة ومدة من وقت الموت إلى البعث.

كما ورد في رواية: "إذا قبضه الله صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا"، في قالب من نور، غير هذا البدن الترابي،أجساد شفافة لا يمكن رؤيتها.

والسؤال المهم أين يقع عالم البرزخ؟وهل هو جزء من عالمنا؟

عالم البرزخ هو ضمن عالم الدنيا كما ورد في الرواية: "جنة من جنات الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر".(ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً).
وكذلك بالنسبة إلى نار البرزخ يقول تعالى: ( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب).

والسؤال الآخر أين تذهب الأرواح؟!

أرواح المؤمنين تذهب إلى وادي السلام حسبما أفاد الإمام الصادق عليه السلام في جوابه لذلك الرجل الذي سأله عن أخيه فقال:إن أخي ببغداد وأخاف أن يموت بها فقال عليه السلام (ما تبالي حيثما مات أما أنه لا يبقى مؤمن في شرق الارض ولا غربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام)

أما أروح الكفار فقد جاء في الرواية أنها ((تجتمع في وادي برهوت وراء اليمين)).

ومن جملة الأسئلة: هل تسمع الأرواح أصوتنا؟ويفهمون كلامنا؟

نعم فقد ورد أن الميت لما يصلون عليه يسمع الكلام وكذلك أثناء تشيع جنازته يسمع ختى خفق النعال وقد ورد أيضا أن النبي (ص) وقف على بئر بدر وصار يخاطب الكفار بأسمائهم ويقول:لقد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فقال له عمر:أويسمعونك؟!فقال (ص) ما أنت بأسمع لي منهم؟!

وبرواية: ((إذا زرتم موتاكم قبل طلوع الشمس سمعوا وأجابوكم وإن زرتوهم بعد طلوع الفجر الشمس سمعوا ولم يحيبوكم)).

والملاحظة المهمة جداً: أن إنكار البعض لهذا الأمر لا يغير الحقيقة بل تبقى ثابته فلو أن إنسان أنكر وجود الشمس فهل يعني ذلك إنعدام الشمس؟!

وكذلك عدم رؤيتنا لهذا العوالم لا يغيرها ولا ينفيها فجهل الجاهل بقوة الكهرباء لا يمنع أن تصقه إذا مسها وكذلك جهلنا بعمل الطائرة لا يمنع هبوطها وعملها وحركتها.
وكذلك الجهل بحقيقة تكون الجنين من إلتقاء النطفة بالبويضة لا يوقف عجلة الحياة .
ومما يدعو إلى العجب أن البعض يتسرع ويقول: أنا لا أؤمن بالبرزخ لأنه أمر غيبي.
والجواب: أن العلم كله قائم على الغيب فالجاذبية التي لولاها لطرنا في الفضاء هي أمر غيبي وإلا كيف هي ؟ وأين هي؟ لا نعلم .

إننا نعيش وسط عوالم مخفية ومستورة عنا وعدم إطلاعنا عليها لا يمنع من وجودها .

ومن هذه العوالم عالم البرزخ الذي لا بد من الإنتقال إليه ومما يدعو إلى القلق وإلى الخوف والإطراب أن الأعمال تتجلى في عالم البرزخ يقول النبي (ص):ليلة أسري بي إلى السماء رأيت:
(( أقواما بين أيديهم لخم خبيث ولحم طيب يأكلون الخبيث ويدعون الطيب وذلك لأنهم كانو يأكلون الحرام ويدعون الحلال))

((ورأيت أقواما لم مشافر كمشافر الابل يقرض اللحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم وهؤلاء هم الهمازون اللمازون))

((ورأيت أقواما ترضخ رؤوسهم بالحجارة هؤلاء كانو ينامون عن صلاة العشاء)) أقول كيف بالذي لا يصلي؟!

((ورأيت أقواما لا يقدرون أن يقومو ا من عظم بطونهم وهؤلاء كانو يأكلون الربا))

(( ورأيت أقواما صمت أسماعهم وهؤلاء كانو يسمعون الغيبة))

أقول: من يسافر إلى دولة يجهز أوراقه فكيف بمن يسافر إلى عالم آخر؟

فعلينا أن ندقق بأعمالنا وحسابتنا لأن الناقد بصير.

يقول الإمام الصادق عليه السلام : ((علمت أن الموت يداهمني فاستخضرت)).
وبقي سؤال أخير وهو : هل يمكن إنكشاف عالم البرزخ لنا ونحن ضمن هذا العالم؟!
والجواب: بأمكان الإنسان إذا وصل إلى حالة من الصفاء الروحي أن تتكشف له الوقائع وحقائق الأمور ومن جملة ما ينكشف له عالم البرزخ وهذا ما حصل لجملة من الأولياء الصالحين .